اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 525
الولي والعدو هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى أي: إِلى التقوى. والمعنى: أقرب إِلى أن تكونوا متقين، وقيل: هو أقرب إلى اتّقاء النّار.
[سورة المائدة (5) : الآيات 9 الى 10]
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (10)
قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ في معناها قولان:
أحدهما: أن المعنى: وعدهم الله أن يغفر لهم ويأجرهم فاكتفى بما ذكر عن هذا المعنى.
والثاني: أن المعنى: وعدهم فقال: لهم مغفرة. وقد بيّنّا في البقرة معنى «الجحيم» » .
[سورة المائدة (5) : آية 11]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)
في سبب نزولها أربعة أقوال [2] :
(407) أحدها: أن رجلاً من محارب قال لقومه: الا أقتل لكم محمداً، فقالوا: وكيف تقتله؟
فقال: أفتك به، فأقبل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسيفه في حجره، فأخذه، وجعل يهزّه، ويهمّ به، فيَكْبِتُه الله، ثم قال: يا محمد ما تخافني؟ قال: لا، قال: لا تخافني وفي يدي السّيف؟! قال: يمنعني الله منك، فأغمد السيف، فنزلت هذه الآية، رواه الحسن البصري عن جابر بن عبد الله. وفي بعض الألفاظ: فسقط السّيف من يده. وفي لفظ آخر: فما قال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم شيئاً ولا عاقبه. واسم هذا الرجل: غورث بن الحارث من محارب خصفة.
ذكر نزول الآية ضعيف. أخرجه الواحدي 385 من طريق ابن إسحاق عن عمرو بن عبيد عن الحسن عن جابر به، وإسناده ضعيف، فيه عنعنة ابن إسحاق والحسن وكلاهما مدلس، وفيه عمرو بن عبيد، وهو ضعيف، والوهن في هذا الخبر بذكر نزول الآية، وأما أصل الحديث فصحيح. أخرجه البخاري 4135 و 4136 ومسلم 843 والواحدي 386 والبيهقي 6/ 319 والطبري 11569 من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه غزا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قبل نجد فلما قفل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قفل معه فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه، فنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتفرّق الناس في العضاه يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت سمرة، فعلّق بها سيفه، قال جابر، فنمنا نومة فإذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعونا فجئناه، فإذا عنده أعرابي جالس، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا فقال لي: من يمنعك مني؟ قلت له: الله، فها هوذا جالس» ثم لم يعاقبه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وليس فيه سبب نزول الآية.
والقائلة: شدة الحر. والعضاه: شجر له شوك. واختراط السيف: سله. صلتا: مجردا من غمده.
(1) سورة البقرة: 119. [2] قال الإمام الطبري رحمه الله 4/ 487: وأولى الأقوال بالصحة في تأويل ذلك: عنى الله بالنعمة التي ذكر في هذه الآية، نعمته على المؤمنين به وبرسوله، في استنقاذه نبيهم محمدا صلّى الله عليه وسلّم مما كانت اليهود همت به في قتله ومن معه، يوم سار إليهم نبي الله صلّى الله عليه وسلّم في الدية التي كان تحمّلها عن قتيلي عمرو بن أمية.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 525